وجية القريشي/
إذا جديت وأظهرت هذا جاء يفاخر وهذا جاء ينافس وإن غضيت وأصبرت قالوا ما معه مضجره مسكين يائس ،،نعم من أين نبدأ؟ وأي الطرق التي توصلنا إلى هناك ، وما هي الوسيلة التي تقلنا؟ وهل يكتفي كل رياضي بنفسه ليضمن مشاهدة الفرح أو يسمح لنا الحدث الرياضي أن نستعين ونشرك كل من يهوى قرع الطبول وعزف الوتر وإدماء الكفوف تصفيقاً وإعطاء الأنامل حرية المداعبة لخصر القلم الذي يهوى البكاء ولكن بدموع من الحبر الفرائحي.. الحبر الذي ينثر على بطون الصحف حروف وأبجديات ومفردات كلها تحاكي الفرح الأصفر ولا تسمح لأي حرف من الحروف بأن يقع دخيلاً بينها ليبكي لوحده في بيت الفرح.. لأن الزمان والمكان قد خصصا للغناء والأهازيج ونثر الورود على رأس ذلك العريس الرياضي.. ولا وقت للتباكي أو بحث عن جروح مندملة لإنكائها.. من أي البساتين نأتي بعقود الفل ونقطف زهور النرجس والياسمين وورود الربيع لنطويها على أعناق العرائس وننصبها مزهريات على طول الطريق الذي يقودنا إلى بيت العرس؟ من أي الشركات الكهربائية نأتي بقناديل ليزرية تكتب بضوئها اسم «الصقر» على سماء الحالمة تعز خاصة واليمن بشكل عام.. نعم.. إنه الصقر الحالمي الذي ما يزال اليوم يستقبل ويودع وفود المشاركات الفرائحية بعد أن عرف كل الطرق التي تقوده للبطولات.. فكما قالها بالأمس أنا البطل الجديد لبطولة القدم.. ها هو اليوم يكررها ويؤكدها وبلغة التحدي والثقة.. قال الصقر لم تأتني البطولة كهبة، ولكني أنا من استطاع أن يقبضها بمخالبي منذ الأسبوع الثاني للدوري اليمني ولم يستطع غيري أن يسلبها مني أو يخلصها من بين مخالبي كوني أنا الأقوى وأنا الأحق والمتمسك بها طوال 25 أسبوعاً وهذا دليل كاف وقاطع بأن الصقر فعلاً هو من اجتهد في الملعب وهو من خطب ود البطولة منذ ولادتها ليقول للآخرين بالحرف الواحد أبعدوا أيديكم وأقدامكم ورؤسكم عن مخطوبتي واعرفوا أن المثل الشعبي يقول: «ما حد يخطب المخطوب» ليأتي يوم الثامن والعشرين من مايو 2010م ويعلنها الصقر من وسط ملعبه الأخضر المعشب بعد أن أقرها قاضي الملعب وأعلن عقد القران الشرعي لتحتفل الحالمة تعز خاصة خلال سبعة أيام فقط أولاً بالعيد الوطني للوحدة اليمنية وثانياً استحقاق الصقر لبطولة القدم اليمنية.. وكأن الصقر هو النادي اليمني الوحيد الذي يختار لنفسه السبق الرياضي بالكثير من الأمور.. فكما أعلنها منذ بداية الموسم أنه الوحيد الذي استطاع الفوز بسبع مباريات متتالية إذا استثنينا ميناء عدن بالدوري التصنيفي 1990م، فكان الصقر أيضاً الفريق الوحيد الذي تمسك بالصدارة من ثاني أسبوع وحتى النهاية معلناً للجميع علو كعبه ومكمماً الأفواه التي كانت تريد النيل منه وهي تنتظر بكل تركيز سقوطه أخيراً بالقاضية كما كان يتوقع المتربص به ويريد له فعلاً الانتكاسة في ساعة الصفر ليعطي حينها القلم حريته المتشنجة كي يمزج مداد «التشفي» على كل الصفحات والصحف وكان يجهز كل مفردات الشماتة ليقولها بالفم المليان «لقد سقط هُبل» هكذا كان لسان الحال يردد القول. نعم لقد فرش المتربص مسوداته بكل الكلمات المبكية واختار لها أقوى عبارات التعازي ليقولها لفريق الصقر عندما يراه قد تهاوى وسقطت من بين يديه البطولة ليلحن له كل أغاني الحزن وموسيقية التعازي ليس حزناً عليه بل نكاية وشماتة به وبجمهوره.. وكان البعض يمهد لقلمه أن يطلق إحدى وعشرين ألف كلمة.. أي على بمصطلح النهج العسكري عندما تطلق المدفعية 21 طلقة عند استقبال كبار الضيوف.. بينما هذه الأقلام كانت موجهة فوهات أو سنن أقلامها نحو النحر الصقراوي وكأنها تريد القول: هذا هو اليوم يوم النحر الأصفر الذي ندمي به أفئدة وقلوب كل أبناء الحالمة المحبين للرياضة عامة وللصقر الحالمي خاصة.. إلاّ أن الصقر بلاعبيه وجهازه الفني والإداري والجماهير وقف أمام الحدث وقفة الأبطال الميامين ليرد الجواب مكتوباً بحبر الإنجاز لكل من استصغره.. رافضاً لغة النقاش مع من يناقش بطريقة «لقاط الزوارق» أو من يبحث لحجب الإنجاز كمن «يحجب على عين الشمس بغربال». لقد استطاع فعلاً الصقر أن يعقد قرانه بمن كان يحلم بها وإن كان واحداً من بين 14 شاباً تنافسوا بقوة وكل منهم يريد أن يخطب ود الفتاة اليافعة التي وصلت إلى سن الـ 18 وهو الرقم الخاص بهذه البطولة الثامنة عشرة منذ قيام الوحدة المباركة لتقف هذه الفتاة المحتشمة محتفظة بمفاتن جمالها تراقب عن كثب التنافس المحموم بين 14 فريقاً يمثلون الخاطبين لتقيس القوة والانضباط وجمالية العطاء من خلال ملامح وجوههم لتختار من بينهم من يكون فارس أحلامها الذي يحمل كل الصفات المؤهلة والمطلوبة في شروطها الرياضية فزاغ منها البصر.. ووقع النظر.. وطال التفكر والسهر.. لتقول هذا المعشوقة أخيراً.. وهل يخفى القمر.؟ نعم إنه الصقر الذي كان أدق النظر.. وفاق الجميع بكل الصور.. ولم تحبطه المخاطر أو يوقفه الخطر.. لأن البطل إذا قال أصر.. ولهذا تحقق حلم العاشق.. وجاء بفستان العروس.. وقالت المعشوقة مرحباً بالأمل.. مرحباً بمن إذا قال فعل.. فها هو اليوم يطبع القبلة بالمُقل.. وها هو من صار للأبطال مثل.. إنه الصقر تقدم واعتدل.. بدر شعبان بالنور اكتمل. نعم.. نعم.. من حقنا أن نقول شعراً.. ونصوغ العبارات نثراً.. ونعطي الكلمات نغمة مسويقية ترتل الذبذبات الحركية داخل هذه المنشأة الرياضية العملاقة التي صنع لها عملاق العطاء الأخ شوقي أحمد هائل صنع لها صدى التفوق وبامتياز ولم يتحقق الحلم الصقراوي من خلال الاسترخاء على سرير الراحة والدخول المشترك بين أحلام النوم.. وأحلام اليقظة.. والترقب الكامل لنزول ليلة القدر على منطقة «بئر باشا» ليدعي كل محب صقراوي حينها أن ينال الفريق البطولة الثامنة عشرة للدوري اليمني لكرة القدم.. ولكن أتت هذه البطولة الغالية بعد أن شمّر الجميع عن ساعديه داخل هذا النادي المؤسسي ، لنجد أن الدعم السخي يأتي من قبل ربان السفينة شوقي أحمد هائل لتحركه بعد ذلك مجاديف نائب رئيس مجلس الإدارة الأخ رياض عبدالجبار الحروي القلب النابض لهذا النادي.. ليبرز بعده من عمق أعماق النادي الأصفر ضابط ايقاع الخبرة الرياضية المجتهد المحب علي هزاع قائد الأمين العام للنادي الذي بزغ منه شبلاً أميناً.. ومثله لاعباً أميناً.. وقدم له خبرته العملية والإدارية أميناً.. وسوف يظل معه وله الرجل الأمين لكل حقوقه.. ويأتي من خلفهم الوتر الرابع الذي يعطي النغمة الصقراوية جواب الترديد عند العزف الموسيقي.. إنه الزميل زيد النهاري، وقد لا يرتفع صدى الأغنية إذا لم تكن الريشة العازفة تلامس جميع الأوتار تربط بين مقامات الأوتار الغنائية.. لهذا نجد أن الشاب النشط عصام عبده عبدالله هو من يقوم بدور الربط بين الجهاز الإداري والجهاز الفني.. ويظل صانع اللحن الغنائي واقفاً على قدميه يراقب ويوجه فرقته الموسيقية فاتحاً حواسه لمراقبة مخارج العزف والنغمة حتى لا يخرج أحدهم عن النوتة ويطلع بنغمة شاذة قد تغير مسار اللحن الصقراوي.. إنه المدرب المصري إبراهيم يوسف وبجانبه مساعده الشاب مروان الاكحلي ويقودان خلفهما فريق العزف الكروي ، وهم اللاعبون الذين نثروا من وجوههم كل حبات العرق وسط كل ملعب من ملاعب الجمهورية لتسقي بذور عطائهم المزروعة التي كبرت وأينعت وأثمرت وأتت أُكلها في يوم حصادها.. ولم تسر مراحل الإنجاز الرياضية منذ بدء الموسم دون أن يصطف بجانبها حارس الشرف الذين وقفوا وقفة المؤازر الشجاع إنه الجمهور الوفي وحامل الراية الصفراء التي أثبتت تغلبها وزهاء لونها على كل الألوان. لهذا نقول: أليس من حق الحالمة أن ترقص على نغمة الشحرور الذي يغرد من فوق غصون الأشجار الباسقات على قمم جبل صبر الأشم؟؟ ومن منا لا يحلم بأن تكون فرحته مرتبطة بالتسجيل الصوتي الفرائحي لفنان عملاق بحجم الفنان أيوب طارش عبسي ابن المحافظة نفسها.. فإذا كنا نحلم بأن يكون صوته المنسوخ على أجهزة التسجيل يشاركنا أفراحنا فكيف إذا كان أيوب طارش نفسه وبشخصيته الأصلية ووجهه الباسم الوقور وصوته الدافئ يردد وسط الفرح الصقراوي وفي بيت الفرح نفسه أغنيته القائلة: «شاعيش لي في تعز حيث الهواء والبرود» بعد أن كان الجميع يتساءل في غيبته وهو هناك بعيداً عنا خارج أسوار الوطن ويقول: هل يعود إلينا شحرور اليمن صحيحاً معافى أولاً ، ولكي يغني لنا لحن الفرح البطولي الصقراوي ثانياً؟ إذا بالرد فعلاً يأتي سريعاً ومن لسان عميد الفن اليمني نفسه مردداً «مع المدى يا حبيب الحي لا بد يعود». نعم.. لقد عاد أيوب اليمن.. مشاركاً الوطن أفراحه ومخصصاً مشاركته الفرائحية للصقور التي احتفلت به في اليوم الأول ليضع لهم لمسة الأمل والتفاؤل ويعطيهم شحذ الهمم التي أثمرت فعلاً في اليوم التالي على أرض الملعب عندما قالوا لمنافسيهم الآخرين: نحن أهل العزم ونحن أصحاب الإنجاز.. واستطاعوا أن يقولوا بصوت مسموع لمن خلفهم «باعدوا من طريقنا» نعم.. إنه الصقر البطل المتوج بالذهب وفارس أحلام الحالمة الذي يسكن في سويداء القلوب التي تذوب عشقاً به وليس كما حاول المظللون والمرجفون الذين انتابتهم صدمة الإنجاز وفرمتت ما تبقى بعقولهم من بصيص التفكير السليم ليقولوا في تحاليلهم الغاضبة.. لقد كانت البطولة سبباً لابكاء الحالمة تعز كونها أقيمت في المنفى وخارج حدود المحافظة، حيث ملعب الصقر الذي يبعد عن المدينة كثيراً ويكلف الجمهور عناء السفر.. وأن الصقر لعب أمام نفسه.. ولم يلعب أمامه فريق منافس.. نعم هكذا قال من أنغصتهم البطولة ليتناسوا أن خصمه اللدود هو العميد الحالمي الذي صعد من الثانية منافساً قوياً على البطولة والوصافة وهو الفريق العملاق الذي كتبوا هم أنفسهم عنه قبل المباراة بأيام شعراً ونثراً وأشاد بقوته وعناده وبدور كل لاعب على حدة إضافة للكنية الشجاعة لكل منهم.. وهذا فعلاً يستحقه فريق بحجم أهلي تعز أثبت بنتائجه.. إلاّ أن رياح البطولة أتت بما لم تشتهيه سفن الحاقدين الذين أرادوا أن يدسوا السم بين عسل الصقر وسمن الأهلي فحاولوا أن يرموا بالتهم على أهلي تعز وجمهوره بعد أن صارت البطولة تعزية أولاً وصقراوية ثانياً.. وهكذا تثبت الأيام ويظهر المتهبش على حقيقته، ولكننا نقول: أين نذهب بوجوهنا من أمام من كانوا يرون فينا نهجاً ويشاهدوننا اليوم بنهج يعارض نهج الأمس؟.. أخيراً دعونا نفرح مع الأبطال ونغني لحن الفرح ونقول: «يا قلب طوف الزهـــر مثل نحــــلة يا قلب يكفي كل يــــوم قُبله» أو نقول بلسان البطل: «ما ناش مغطى ولا طافي ولا لي سياج كلي مضوا ومن يشتي أخذ له سراج».